السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، أهلاً وسهلا بكم في منتديات بودير نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، أهلاً وسهلا بكم في منتديات بودير نت
إذا كانت هذه زيارتك الأولى لعالم المنتديات وترغب بالتعرف على المزايا والخواص المتاحة في المنتدى وكيفية التعامل معها اضغطفي التعليمات للإنتقال إلى صفحة تعليمات الإستخدام وقراءة كافة التعليمات من الأسئلة والإجابات عليها حول استخدام المنتديات .
عدد الرسائل : 93 العمر : 37 تاريخ التسجيل : 26/01/2007
موضوع: القنــــــــوات الدينيــــــــــــــة . الجمعة فبراير 02, 2007 1:39 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البرنامج الديني التلفزيوني في المحطّات العربية هو البرنامج الذي يشكِّلُ الدين الإسلامي، بصورةٍ أساسيّة، مادّته؛ إذ لا توجد برامج مخصّصة للطوائف المسيحية العربية إلاّ وجوداً محدوداً، تبثّ أغلبها من خارج الدول العربية، مثل القنوات الموجّهة إلى الأقباط في مصر، أو من داخلها، مثل قناة "النور" اللبنانية.
وتهدف هذه النوعية من البرامج الدينية إلى زيادة "المعارف" الدينية عن طريق الدعوة أو الوعظ. وبرأي بعض المتنوّرين في الأوساط الفكرية الإسلامية، فإنّ نجاح الفكرة الدينية، سواء أكان التعبير عنها في كتابٍ أم في خطبة أم في برنامج تلفزيوني، مرهونٌ بإنسانية هذه الفكرة وبقابليّتها للتعميم فوق كل الاعتبارات التي تحدّ من أفقها. فإذا كان الإنسان هو موضوع البرنامج الديني، فهذا يقتضي الاهتمام بكل ما يمتّ بصلةٍ إلى الإنسان، وبكل ما يعدّ محلاً لاهتماماته، وهذا يعني، إضافةً إلى الوعظ والدعوة، إدراج العلوم والآداب والفنون في دائرة موضوعات هذه البرامج. ولكن هذا الرأي محدود الانتشار.
هناك أشكالٌ عديدة للبرامج التلفزيونية الدينية، من أكثرها رواجاً وانتشاراً البرنامج الذي يستضيف أحد الشيوخ أو العلماء أو الدعاة للإجابة عن أسئلة المشاهدين. وهناك أيضاً نوعٌ آخر انتشر في الآونة الأخيرة بتأثيرٍ من التلفزيونات التبشيرية الأميركية الموجّهة خصوصاً إلى المنطقة العربية، وفيه يظهر أحد الدعاة الجدد، ومن المفضل أن يكون شاباً ووسيماً، مع جمهوره في استوديو أو مسرح أو صالة جامعٍ ليقدِّم مجموعةً من المحاضرات باللغات العربية المحكية ويجيب عن أسئلة الحضور رجالاً ونساءً. وهناك أخيراً نوعٌ هو أقلّ تلك الأنواع رواجاً لأنّه أقلّها جاذبيةً للمشاهدين من ناحية الشكل، وهو الذي يقدِّم مداخلات دينية مطوّلة لأحد الشيوخ على شكل محاضرةٍ مباشرة ومقروءة غالباً.
وعلى نحوٍ مشابه، تعطي جميع القنوات الرسمية العربية حيزاً هاماً للبرامج الدينية، التي تََبُثُّ للمشاهدين ما تريد أن توصله السلطة بلباسٍ ديني. فلقد عملت العديد من الأنظمة السياسية في الدول العربية على البحث عن مشروعيّة مزدوجة: سياسيّة ودينية. وفي الحقيقة، ظهر انتشار هذه البرامج منذ البدء في التلفزيونات والمحطات الحكومية، كمحاولةٍ من الحكومات والمحطات الرسميّة لاحتكار الفكر الديني وللمزايدة على التيارات المتطرّفة؛ هذا حتّى في حال الحكومات التي ادّعت أو تدّعي الليبرالية أو القومية أو الاشتراكية أو التقدمية.
الفضائيات الدينية : ظاهرة جديدة ومستمرّة
"لم يعد مناسباً حصر الخطاب الدعوي في خطبة الجمعة والمناسبات التاريخية على أهميّتها، فالمجتمع من حيث المساحة يتعدى مساحة المسجد والقاعة والمنتدى، ودعوة الحق يجب أن تصل كل أصقاع الأرض (...)، والدعوة ليست وظيفة علماء الشريعة وحدهم وإنما هي وظيفة كل قادرٍ من أبناء الأمة كلٌٌّ في موقعه واختصاصه وحسب قدرته"(1).
بعد موقفٍ متشدّدٍ وشديد النقد من البث الفضائي التلفزيوني إبّان ظهوره في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، أعاد رجال الدين النظر في مبدأ الإحجام عن خوض هذه التجربة إذ لم يعد بوسعهم إدارة ظهورهم لهذا التطوّر الذي يتيح فرصة إيصال خطابهم إلى ملايين المشاهدين. وظهرت آراءٌ فقهية تبيح مشاركة الدعاة في المحطات الفضائية حتى ولو كان في بعض برامجها "منكرات ومخالفات شرعية"(2).
وبصرف النظر عن الآراء العديدة حول ظاهرة البث المباشر والأحكام الصادرة حولها، يعتَبِرُ رجال الدين أنّه لا مناص لمن يتصدّون للدعوة إلى الله من تطويع قدرات القنوات الفضائية في الانتشار، والذيوع، والإبهار، وذلك بهدف "غزو قلوب الكافرين والمبطِلين في كلّ مكانٍ إخراجاً لهم من الظلمات إلى النور"(3).
هكذا بدأت ظاهرة الفضائيات المتخصّصة بالشأن الديني في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وكانت قناة "اقرأ" هي البادئة فهي التي أُسِّست في عام 1998 من قبل شركة "راديو وتلفزيون العرب" ART بتمويلٍ سعوديٍّ ضخم. وتهدف القناة حسب أصحابها إلى "أن تكون عالمية التوجه، ووسطية المنهج، وشمولية الأهداف، وتنوع المضمون، والموضوعية في الخطاب والمصداقية في المعالجة والتشويق في العرض"(4). ويعتبر القائمون عليها أن سبب إقبال الجماهير على متابعتها هو سئمها مما يبث من إسفاف على القنوات الأخرى، والتي يرون أنها بعيدة عن العادات والتقاليد الإسلامية. وهذا الخطاب التبريري فيما يتعلق بالقنوات الدينية المتخصّصة نسمعه ونقرأه ليس فقط على لسان المموّلين والمحرّكين لهذا النشاط، بل أيضاً لدى غالبية المتلقّين. فتعابير الإسفاف والابتعاد عن التقاليد والعادات تكاد تكون اللازمة في أي حوارٍ حول دور الفضائيات الدينية على مستوى المجتمع.
وقد تطوّرت الفكرة بحيث جرى تبنيّها من قبل عديدٍ من المتمولين وخصوصاً في الدول النفطية، وأُسِّست فضائيات مرتبطة بالتيارات الإيديولوجية المختلفة داخل التيار الديني، بينها الأصولية، وبزغت قناة "الفجر" وقناة "المجد" وأخريات؛ هذا إضافةً إلى أن بعض القنوات "العادية"، إن صحت التسمية، قد أعطت صبغةً أكثر دينيةً لبرامجها؛ ونخص بالذكر قناة "الشارقة". وهناك العديد من المشاريع في قيد التنفيذ لقنواتٍ دينية متخصّصة بالأطفال وبالشباب.
وبدأت بالبث منذ عدة أشهر من دبي في الإمارات العربية المتحدة قناةٌ جديدة تحمل اسم "الرسالة" انضمّت إلى باقة قنوات روتانا الترفيهية، وكانت الفكرة أولاً أن يطلق عليها اسم "روتانا دين"، لكن رفض مالك الباقة، الأمير الوليد بن طلال، هذا الاسم الذي كان مقترحاً في البداية (5).
وإزاء الاستغراب بأن تقوم مجموعة إعلامية متخصّصة بالترفيه وبمقطوعات الفيديو ("الكليبات") ببثّ قناةٍ دينية، يتبنّى الداعية السيّد طارق سويدان(6)، مديرها العام وأحد أشهر دعاة التلفزة الدينية، التبرير الشرعي بأنّ "الحسنة تذهب بالسيئة". فما المانع في أن تكون هناك قناة دينية وأخرى تقدّم المنوعات؟ مشيراً إلى أن لدى باقة ART قناة "اقرأ" ولا يثير ذلك استغراب المراقبين في حين يستغرب البعض أن تكون لدى باقة روتانا قناة إسلامية. ويعتبر سويدان أن وجود عددٍ كبيرٍ من القنوات الدينية ووجود تنافس بينها يخلق حالةً من الإبداع بين هذه القنوات، وهذا مفيدٌ لأي قناة، وللمشاهدين على وجه العموم.
هذا الموقف لا يشاركه به المفكر الإسلامي المصري فهمي الهويدي(7)، فهو يرفض الجمع بين البرامج الدينية وبرامج الترفيه، معتبراً بأن المشهد أقرب إلى صحيفةٍ صفراء تنشر المفاسد وبداخلها صفحةٌ دينية من باب مخاطبة كل الأذواق.
ويبقى هذا الرأي محدود الانتشار، فالدعاة يؤمنون أكثر فأكثر بهذه الوسيلة لإيصال خطابهم على نحوٍ سريعٍ وفعّال؛ حتى أن أسلوب الدعوة عبر البرامج الترفيهية يستهويهم، وهم يعتبرون كذلك أنّ اللجوء إلى تطوير وتحديث الشكل يلعب دوراً في إيصال المضمون، "فعندما كان علماء الدين شديدي التجهّم ولا يبتسمون، كنا نعيب عليهم ذلك. وعندما صار عندنا دعاةٌ يتحدثون لغة الناس ويخاطبونهم بنفس الأسلوب، اتهمناهم بأنهم يتشبهون بنجوم الفيديو كليب"(.
وبمقابل جهود الباحثين في العلوم الاجتماعية والسياسية والدينية وسعيهم لمحاولة استكشاف سبل تجديد الخطاب الديني وملاءمته لمتطلبات العصر، ينبري السويدان ليحلّ مسألة التجديد هذه "بزلّة" قلم معتبراً أنّنا "نتحدث ومنذ فترةٍ طويلة عن تجديد الخطاب الديني. وعندما يصِل هذا الخطاب إلى مرحلة ينافس بها أغاني الفيديو كليب، فهذه علامة نجاحٍ كبيرة"(9). وبصورةٍ أكثر عقلانيةً، يعتبر البعض أن الفضائيات الدينية تسهم "في تجديد الخطاب الديني ودعمت جهود الدعوة الإسلامية في الداخل وحملت على عاتقها التعريف بحقيقة الإسلام في الخارج"(10)..
تقوم هذه القنوات عموماً، مع استثناءاتٍ قليلة، بإعادة إنتاج خطابٍ ديني-سياسي، وأحياناً خلط الأوراق عن طريق مزج خصائص الدعاية السياسية بخصائص الدعاية الدينية(11). وبسبب التحكم المتنامي لرؤوس الأموال الضخمة ذات الطابع المحافظ بوسائط الإعلام وخاصة الفضائيات، هناك أيضاً سعيٌ للجمع بين الربحية العالية وبين الترويج للفكر الديني. فمن المنطقيّ إذاً أن يسعى أصحاب هذه المحطات للترويج للفكر الديني، من أكثر أشكاله مهادنةً للسلطات إلى أكثرها راديكاليةً وشعبويةً. وذلك لأن هذا الفكر هو الذي يمكن أن يخاتل مخاتلةً فاعلة جماهير المشاهدين ويبعدها عن أيّة تأثيرات محتملة لأفكارٍ قد تتطوّر إلى مقدِّمات لخلخلة البنى السائدة في بعديها الاجتماعي والسياسي.
لذلك لا نستغرب أن الشبكة الواحدة تمتلك عدة قنواتٍ متخصصة، بعضها ديني تبشيري وبعضها الآخر ترفيهي يتناقَض في بعض ما يقدِّمه مع ما تروّج له القناة الدينية. ولكن هذا التناقض هو تناقضٌ ظاهريٌّ فقط لأنّ ما يقدّم في القنوات الترفيهية في معظمِه لا يتناول المحظورات الاجتماعية في جوهرها، كما أن هذه الشبكات تبتعد نهائياً عن الاستثمار في البرامج ذات المستوى الثقافي الرفيع إلاّ فيما ندر. إن الإكثار من الترفيه الخفيف الذي يميل في معظمه إلى السطحية والرداءة يدفع المشاهد إلى العيش داخل ثنائيةٍ مزيّفة ومخاتلة للوعي: التسلية البحت من جهة، والإتباع الحَرفي للتعاليم الدينية المطروحة في برامجٍ للخلاص من شرور الحياة وظلمها من جهة أخرى. منقول للأمانة .